Sawt safiri el bolboli (Qissa)

أبو جعفر المنصور

حريص على المال العام

والمال العام

أمانة عند الحكام للأجيال القادمة

لا يجوز العبث به

فقام أبو جعفر وعمل حيلة إذا جاءه الشاعر يشترط عليه

إذا كانت القصيدة من قوله يعطيه وزن الذي كتبه عليها ذهبا

وإذا كانت من منقوله يحفظها غيره لا يعطيه شيئ

والخليفة يحفظ القصيدة من أول مرة

وعنده غلام وجارية

الغلام يحفظها من مرتين والجارية من ثلاث فخبأهما خلف الستار

فيأتي الشاعر يقول قصيدته، يجد ثلاثة يحفظونها

فيعود حزينا

فجلس الشعراء والأدباء فجاء الأصمعي قال: "مالكم؟"

قالوا: "نكتب القصيدة بالليل

ثم نصبح الصباح فنرى غيرنا الصباح يحفظها

ثلاثة يحفظونها، كيف يكون هذا؟"

قال إنها حيلة الخليفة

ليحافظ على المال العام

فقام نظم الأصمعي قصيدة

متعددة الموضوعات

صعبة الكلمات

وتنكر بزي أعرابي

وذهب إلى الخليفة المنصور

ودخل عليه، قال: "إني من شعراء أعراب الموصل"

قال: "تعرف الشروط؟"، قال: "نعم"

قال: "قل"

قال: "صوت صفير البلبل

هيج قلب الثمل

الماء والزهر معا

مع زهر لحظ المقلِ

وأنت يا سيد لي وسيد ومولى لي

فكم فكم تيملي غزيل عقيقلي

قطفته من وجنة من لثم ورد الخجل

فقال لا، لا، لا، لا، لا وقد غدا مهرول"

فأعتدل الخليفة في جلسته، كثرت اللامات عليه

فقال لا، لا، لا، لا، لا وقد غدا مهرول

والخوذ مالت طربا من فعل هذا الرجل

فولت وولولت ولي ولي، يا ويل لي

فقلت لا تولولي وبين اللؤلؤ لي

قالت له حين كذا انهض وجد بالنقل

وفتية سقونني قهوة كالعسل لي

شممتها بأنفي أزكى من القرنفل

في وسط بستان حلي بالزهر والسرور لي

والعود دندن دنا لي و الطبل طبطب طب لي

طب طبي طب طب طبطبي طبطبي طبطب لي

الخليفة

والسقف قد سق سق لي

شوى شوى وشاهش على ورق سفرجل

المنصور، الخليفة المنصور أراد أن يجمع الطقطقات والطبطبات وما استطاع

و الرقص قد طاب إلي

شوى شوى و شاهش على ورق سفرجل

وغرد القمري يصيح ملل في ملل

ولو تراني راكبا على حمار أهزل

يمشي على ثلاثة كمشية العرنجل

والناس ترجم جملي في السوق بالقلقلل

والكل كعكع كعكع خلفي و من حويللي

لكن مشيت هاربا من خشية العقنقل

إلى لقاء ملك معظم مبجل

يأمر لي بخلعة حمراء كالدم دملي

أجر فيها ماشيا مبغددا للذيل

أنا الأديب الألمعي من حي أرض الموصل

نظمت قطعا زخرفت يعجز عنها الأدب لي

أقول في مطلعها صوت صفير البلبل

والخليفة عصر ذاكرته، ما طلع إلا كع كعي كع، طن طنطني

فعلى طول قال علي بالغلام

قال: "أتحفظها يا غلام؟"

قال: "لا ما سمعت بها قط"

قال: "علي بالجارية"

تحفظين صوت صفير البلبل؟

قالت: "لا ما سمعتها يا أمير المؤمنين"

فقال: "أعطنا ما كتبته عليها يا أعرابي"

فقال: "يأ أمير المؤمنين نقشتها على لوح رخام

وهو على ظهر الناقة لا أستطيع حمله

أرسل معي من الجنود والخدم يحملونه"

فاصفر وجه الخليفة

فوضع بالميزان فأخذ كل الذي معه

عند ذلك علم الخليفة أن الأمر فيه مكيدة

قال: "قف أمط اللثام عن وجهك"

فلما كشف وجهه عرفه

قال: "الأصمعي؟"

قال: "نعم يا أمير المؤمنين"

قال: "ويحك أعد المال"

قال: "لا، إذا جائك شاعر فأعطه على قوله

فأعطه على قوله

إنهم أصحاب عيال قطعت أرزاقهم بحبل ذاكرتك يا أمير المؤمنين

قال: "قبلت الشرط، أعد المال"